بقلم حامد عبد الصمد
منذ عدة سنوات كنت مسؤولاً عن تنظيم أحد المؤتمرات عن صورة الغرب فى الكتب المدرسية العربية وصورة الإسلام فى الكتب الغربية فى ألمانيا وقد حضره خبراء من مصر والأردن والمغرب واليمن وألمانيا وتركيا وإيطاليا. وقد فوجئت بركاكة معظم الأوراق التى قدمها الأساتذة العرب والتى لم تكن إلا دفاعاً عن الإسلام ولوماً على الغرب وبعيدة كل البعد عن الموضوعية والقواعد الأكاديمية. وقد بدأ الخبراء الأوروبيون يتهامسون حين راح أستاذ تربوى أردنى يمدح بلاده ويتغزل فى حكمة جلالة الملك وتسامح الكتب المدرسية الأردنية. وبعد نهاية اليوم الأول للمؤتمر اشتكى الأستاذ الأردنى أن الفندق الذى يقيم فيه أعضاء المؤتمر ثلاث نجوم فقط فى حين أنه معتاد على فنادق الخمس نجوم حين يحضر مؤتمرات فى بلدان عربية. سألته بسخرية أن يعطينى ورقة بنتائج تلك المؤتمرات العربية التى حضرها فتلعثم. وكان من بين الحضور أيضاً مدرس بكلية التربية بجامعة عين شمس اسمه محمد، وكان أكثر ما يخافه هو أن يكون اللحم المقدم له فى المؤتمر غير مذبوح على الشريعة الإسلامية. وأثناء المبيت فى الفندق أيقظنى صراخ الشيخ محمد وهو يؤذن لصلاة الفجر، فقفزت من الفراش وحاولت إيقافه لكنه استمر فى الأذان. كان يعلم بالطبع أن غالبية النزلاء فى الفندق من غير المسلمين ولكنه لم يتوان عن إقلاقهم لأنه يعتبر ذلك حقه فى العبادة.
وفى اليوم التالى توجهنا إلى مطعم أردنى كى يأكل الضيوف لحماً حلالاً ولكن الشيخ محمد رفض الجلوس إلى المائدة لأن أحد أعضاء المؤتمر من غير المسلمين كان يشرب البيرة. الشخص نفسه الذى سلب حق غير المسلمين فى النوم بالأمس أراد سلب أحدهم حق شرب الخمور فى اليوم التالى، وكان يظن أن ذلك من صميم الإيمان. إن دور هذا الشخص هو تعليم المعلمين، وهو دور خطير ومهم، ولكنه كان يتعامل مع الجميع بتشنج وكان يتعامل مع الدين فقط كمجموعة من المحرمات التى تقف عائقاً بينه وبين الآخرين. وبعد انتهاء المؤتمر توجهت إلى سوق الإلكترونيات لشراء بعض الأغراض ففوجئت بالشيخ محمد هناك، فجاء إلىّ مسرعاً وطلب منى أن أساعده فى شراء أحدث جهاز «آى بود» لكى يسجل عليه القرآن ويسمعه متى يريد. اخترت له أحدث الأجهزة وأمسكت به فى يدى قائلاً: «تعرف يا دكتور محمد.. الجهاز دا الناس اخترعوه فى أوروبا إزاى؟» لم يرد، فأكملت: «لأن كل واحد من حقه يشرب اللى هو عايزه. الجهاز دا عمره خمسميت سنة من الحرية!».. لم يفهم الأستاذ الجامعى كلمة واحدة مما قلت وهز رأسه متعجباً.
الإخوان سقطوا والشيخ محمد مازال يربى الأجيال فى كلية التربية...
وفى اليوم التالى توجهنا إلى مطعم أردنى كى يأكل الضيوف لحماً حلالاً ولكن الشيخ محمد رفض الجلوس إلى المائدة لأن أحد أعضاء المؤتمر من غير المسلمين كان يشرب البيرة. الشخص نفسه الذى سلب حق غير المسلمين فى النوم بالأمس أراد سلب أحدهم حق شرب الخمور فى اليوم التالى، وكان يظن أن ذلك من صميم الإيمان. إن دور هذا الشخص هو تعليم المعلمين، وهو دور خطير ومهم، ولكنه كان يتعامل مع الجميع بتشنج وكان يتعامل مع الدين فقط كمجموعة من المحرمات التى تقف عائقاً بينه وبين الآخرين. وبعد انتهاء المؤتمر توجهت إلى سوق الإلكترونيات لشراء بعض الأغراض ففوجئت بالشيخ محمد هناك، فجاء إلىّ مسرعاً وطلب منى أن أساعده فى شراء أحدث جهاز «آى بود» لكى يسجل عليه القرآن ويسمعه متى يريد. اخترت له أحدث الأجهزة وأمسكت به فى يدى قائلاً: «تعرف يا دكتور محمد.. الجهاز دا الناس اخترعوه فى أوروبا إزاى؟» لم يرد، فأكملت: «لأن كل واحد من حقه يشرب اللى هو عايزه. الجهاز دا عمره خمسميت سنة من الحرية!».. لم يفهم الأستاذ الجامعى كلمة واحدة مما قلت وهز رأسه متعجباً.
الإخوان سقطوا والشيخ محمد مازال يربى الأجيال فى كلية التربية...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق